top of page

فرنسا تعيد النظر في قانون الاتجار بالبشر

 

     تعتبر فرنسا من الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في باليرمو( ايطاليا) والبروتوكول الملحق بها والمتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص خصوصا النساء والأطفال وتعد فرنسا دولة استقبال، ولكن نظرا لموقعها الجغرافي فقد أصبحت تمثل بلد عبور أيضا .

وإن أغلب ضحاياها الذين يتم استغلالهم في هذا المجال هم من أوروبا الشرقية  خصوصا : نيجيريا، المغرب والصين وذلك بغرض الاستغلال الجنسي ويقدر عددهم ما بين 20.000 و40.000 والإحصائيات تشير إلى أنه 90 % هم من أصول أجنبية.

        وقد أدينت فرنسا مرتين بعدم احترامها الالتزامات الدولية في هذا المجال لأنه لا نلحظ منها متابعات كبيرة للمجرمين وليست هناك حماية للضحايا .

   ونظرا لخطورة الأمر لان نسبة الاتجار في مجال الاستغلال الجنسي هي في تزايد كبير إذ تصل النسبة إلى 79 % وتقدر نسبة ضحايا العمل الجبري إلى 18 % وباقي الأشكال الأخرى تقدر ب 3 % فقد بدأت فرنسا تستوعب الأمر .

وتشير الإحصائيات إلى تزايد نسبة ضحايا الاتجار تصل إلى 18 % في خلال عام 2013 مقارنة بعام 2012 منهم 62 % ضحايا الاتجار الجنسي والأغلبية الساحقة منهم هن نساء وفتيات قاصرات ، وقد أقرت فرنسا لأول مرة على أن  السياسات العامة للدولة قد  أغمضت عينها عن حالة الضحايا الأطفال .

    لذلك فقد قامت بتاريخ 05 أوت 2013 على إصدار قانون يحمل أحكام تساير التعريف الدولي للاتجار ويوافق فيه المعايير الدولية . 

وقد تم فيه تعريف الرق أو العبودية وتم ذكر الوسائل المستعملة كالترهيب واستغلال حالة الضعف ، إساءة استغلال السلطة باعتبارها تمثل الآن وسائل ومقومات بديلة عن الوسائل القديمة .

وهذا القانون هو معروض حاليا للمناقشة بهدف مكافحة كل أشكال الاتجار وحماية الضحايا وسيتم المصادقة عليه قبل نهاية 2014 .

وسيتم التعاون مع المكتب المركزي الخاص بقمع الاتجار بالأشخاص  l’office central  وذلك لوضع مصالح مختصة لمكافحة الاتجار والعمل على التنسيق الأمني والقضائي على المستوى الأوروبي والدولي .

وحتى يتحقق التنسيق الدولي لابد من التغطية الجغرافية الكاملة وتأمين الحماية الفعالة للضحايا، وتعتمد فرنسا كثيرا على دور الجمعيات لخبرتها  في هذا المجال حتى تساعد على وضع خطة فعالة .

وتعطي الحكومة الفرنسية الأولوية الكبيرة لثلاثة أمور :

1- تعريف ضحية الاتجار : يعتبر الضحية المحور الأساسي في هذه الجريمة لذلك كان لزاما من مساعدته على معرفة حقوقه والعمل على تكوينه وهذا هو المفتاح لمكافحة هذه الجريمة .

  و يستلزم الأمر وضع برنامج وطني للتكوين الجيد وتحسيس المجتمع حول مخاطر جرائم الاتجار والعمل على حماية الضحايا وتيسير إدماجهم في  المجتمع .

   كما لابد من تسوية أمر إقامتهم وتسهيل الإجراءات الإدارية عند طلبهم وثائق الإقامة وإمكانية استقبالهم واستضافتهم في مراكز الإيواء ومحاولة البحث عن طرق ومخرج لتركهم ميدان الاتجار .

  وسيعنى أساسا بضحايا الاتجار الجنسي والاتجار بالقصر وذلك بالعمل على اتخاذ إجراءات تكميلية حول الموضوع  باستعمال إجراء الحماية غير المشروطة في إطار حماية الطفولة وسيتم وضع إجراءات أخرى لحماية القصر الذين يعتبرون  فاعلون وضحايا في آن واحد .

إذن فان مسألة حماية الضحايا ستتم عن طريق :

ا- إنشاء 50 منصب عمل للصحافة وتنشيط دورها للقيام بنشاطات ثقافية على مستوى المحافظات للوقاية من هذه الجرائم ويمكن لهؤلاء الصحفيين التنقل إلى أماكن عدة تمارس فيها جرائم الاتجار كالفنادق والمطاعم والتوجه كذلك إلى المطارات والمحطات وإلى الجمعيات لنقل معلومات تتعلق بالأشخاص المتواجدون في وضعية غير شرعية مثل : المهاجرون غير الشرعيون والأشخاص المعزولون والقصر ....الخ .

كما يمكنهم أيضا زيارة ضحايا الاتجار وخلق روابط معهم ومساعدتهم بمحاولة إعطائهم معلومات تفيدهم حول الموضوع .

وسيتم تطويرعمل الصحافة لأجل القيام بنشاطات هامة للوقاية من هذه الجرائم وتسهيل الاتصال بالضحايا العاملين في السلك الخاص .

ب- تطوير التكوين : تعمل مؤسسة miprof  بالمشاركة مع الوزارات والهيئات الأخرى على القيام بدورات تكوينية لجميع الأطياف : كالأطباء والقضاة والمحامون والمرشدون الاجتماعيون والمعلمون ومصالح الشرطة والدرك والجمارك ومفتشو العمل وموظفو القنصليات وموظفو السجون، وفي هذا النطاق ستعمل الحكومة الفرنسية على تطوير الجلسات المشتركة للتكوين حول مسألة الاتجار .

وستعمل أيضا  بالعمل على تحسيس الجمهور بخطورة الظاهرة لأنها تزال غير معروفة في أوساط المجتمع وتبيين ظواهرها وأنواعها : كالاستغلال الجنسي والعمل الجبري والعمل المنزلي والعبودية والتسول الإجباري .

وتكون أول نقلة لهذا العمل منذ 2014 في المطارات ومحطات النقل العادية والحديدية، وسيتم تذكير المسافرين بأن فرنسا يعتبر بلد يضمن حقوق المرأة والرجل وتبين كيف تحترم هذه الحقوق في هذا البلد

وسيتم إنشاء موقع على النت  يبين فيه حالات الاتجار وسيتم أيضا توزيع مناشير على مستوى البلديات والمحافظات ومصالح الأمن والدرك والمحاكم ومصالح الاستعجالات بالمستشفيات لتوضيح ظاهرة الاتجار .

وسيتم وضع خطة وطنية لمكافحة العمل غير الشرعي (2013-2015 ) وستعقد اتفاقات يتم اقتراحها على المنظمات وأرباب العمل ومجلس الأمن والقنصليات لمنع الاتجار وتحسيس الجمهور بنتائج العمل الجبري .

  وستعمل الحكومة الفرنسية أيضا على اقتراح عمل مشترك لاتحاد العمال لتعريف الوسائل الفعالة لتأمين عدم تسخير اليد العاملة للعمل جبرا.

- إعطاء حق الإقامة للضحية : وهنا سيتم إنشاء بطاقات إقامة مؤقتة للضحايا بدون شرط التنسيق مع السلطات القضائية وكذلك تسهيل الإجراءات الإدارية عند طلب وثائق الإقامة بتقرب الضحية من جمعية معتمدة للقيام بالإجراءات اللازمة عن طريق محاميها .

ولابد من العمل أيضا على تكوين الضحية لمعرفة حقوقه، وتكوينه لا يسمح به إلا بعد استضافته في مراكز الإيواء حتى يبعد عن دائرة المجرمين من جهة وتيسير إدماجه في المجتمع من جهة أخرى .

ولحماية الضحايا فإن الأمر يتطلب اتخاذ الضحية القرار بتركه ميدان الاتجار وسيتم التعاون مع الجمعيات لمساعدته ماليا أو العمل على إزالة  الديون الجبائية عنه .

ويشمل أمر المساعدة المالية ضحايا العمل المنزلي ويمكنهم الاستفادة من المساعدة الطبية كذلك .

وبالنسبة للضحايا القصر الذي فقد تزايد عددهم وبشكل رهيب في فرنسا في الآونة الأخيرة وهم من أصول نيجيرية ورومانية وهؤلاء ستؤمن لهم حماية خاصة في إطار حماية الطفولة .

وسيتم إعداد مجموعات مختصة للاهتمام بهم على مستوى اللجنة المختصة للوقاية من الانحراف وذلك بمبادرة من المحافظ والنائب العام للاهتمام بهؤلاء القصر قضائيا واجتماعيا وسيتم إعداد قضاة مختصون ومحققون من الأمن مختصون كذلك .

وسيتم إبرام اتفاقية توضح فيها اختصاص مصالح المساعدة الاجتماعية وكيفية استقبالهم للضحايا القصر وسيتم تكوين العاملين بالمصالح المختصة للطفولة حول كيفية استقبالهم للضحايا الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة والسماح لهم بالتعليم ، أما بالنسبة للقصر الذين يعتبرون في آن واحد فاعلون وضحايا سيتم وضعهم في مراكز خاصة لإبعادهم عن الاتجار وسيكون التعليم أولوية لهم .

2- متابعة المجرمون : بالنسبة لمسألة محاربة الشبكات الإجرامية  يتطلب الأمر تنسيقا أوروبيا ودوليا لمعالجة الأمر وللقضاء على جرائم الاتجار .  

لذلك كان لابد من العمل على تعزيز إجراءات : الوقاية ، القمع والحماية وتشجيع الدول على المصادقة على الصكوك الدولية ضد جرائم الاتجار وتقديم الحماية التقنية لبلد الأصل والعبور والاستقبال .

- وسيعمل على تفكيك الشبكات الإجرامية بمحاولة متابعتهم قضائيا ومصادرة أموالهم والوسائل المستعملة في الجريمة باعتبار أن الاتجار بالأشخاص يدر أموالا طائلة .

والمصادرة هي عامل مهم لتفكيك شوكة الشبكات الإجرامية وقد نصت عليها المادة13/21 فقرة 6 والمادة 225/25 من قانون العقوبات الفرنسي  .

- وسيتم أيضا العمل على توسيع اختصاص وعمل مفتشو العمل الذين يعملون على كشف حالات الاتجار في العمل بتقارير شفوية والحرص على أن لا تكون شروط العمل مخالفة للكرامة الإنسانية المادة 8112/2 من قانون العمل الفرنسي .

- وسيتم أيضا تنشيط مصلحة الاختصاص الوطني المسماة tracfin  ضد الاتجار .

وهنا سيتم :

ا- تعزيز خدمة المعلومات لتحليل المعلومات السريعة حول تبييض وغسل عائدات الاتجار .

ب- تبادل المعلومات المالية مع القضاة ومصالح الشرطة القضائية المكلفة بالتحقيق حول الاتجار بالأشخاص .

ج- تشجيع كل المؤسسات على العمل على إخطار الإدارة بأي ظروف غير عادية تحمل الشك إلى وجود الاتجار خصوصا عند عدم رغبة الضحية في تقديم شكوى .

وسيعمل أيضا على تعزيز فكرة الوقاية والقمع والحماية في مختلف المناهج الدولية .

وستقدم فرنسا مقترحات للأمم المتحدة لتحسين التنسيق الدولي في مجال الوقاية من مخاطر الاتجار في مجال النزاعات المسلحة ، لذلك بات من الضروري إتباع نهج منسق مع القضاء والأمن والمصالح الاجتماعية والمدنية  ومتعدد التخصصات للقضاء على الظاهرة بصفة فعالة ودائمة .

ولابد من تشجيع الشركاء على المصادقة على الصكوك الدولية وان كانت المصادقة وحدها لا تكفي، لذلك ستعمل فرنسا على تحقيق المساعدة التقنية لتسهيل العمل الدائم وعولمة الوسائل الموجودة حتى نوحد مفهوم الاتجار وذلك لتسهيل التنسيق الدولي وهذا التوسع في مفهوم الاتجار سيسمح بالتفاوض على صكوك جديدة .

ولابد من تأمين حضور الخبراء الفرنسيون في المنظمات الدولية مثل المجلس الأوروبي وOSCE          وONUDC  وسيتم وضع مذكرة متعددة الأطراف للتنسيق حول مسألة مكافحة الاتجار على المستوى الأوروبي وأيا كان التنسيق أوروبي أو دولي لابد أن يكون موجها نحو ثلاث اتجاهات :

1- حماية الضحايا : إن خلق شبكة أوروبية لحماية الضحايا سيكون له عدة فوائد :

* ضمان احترام الحقوق الأساسية للضحية .

* حماية الإدماج الجسدي والنفسي للضحية .

* زيادة ثقة الضحية في مؤسسات الدولة .

* تسهيل تنسيق الضحية مع القضاء لتحسين فعالية المتابعات .

3- مكافحة الاتجارهي سياسة عامة وشاملة: بمعنى يتطلب الأمر تحريك كل الوزارات للعمل بالتعاون مع المجتمع المدني .

ولابد على إدارة المشاريع من وضع خطة متبعة ومنسقة وإنشاء صندوق مخصص لضحايا الاتجار

ولتحقيق ذلك لابد من إنشاء وتخصيص ميزانية سيتم النص عليها في قانون المالية لسنة 2015 .

وعلى إدارة المشاريع إتباع خطة مستقلة والعمل على :

* تحديد برنامج الأبحاث المشتركة  بين الإدارات المعنية حول الاتجار بالأشخاص .

* سيتم تعيين قوائم الوكالات والجمعيات التي تساعد الضحايا وسيتم ذكر جميع النشاطات التي تتخذها الجمعيات الفاعلة على الإقليم الوطني، وسيتم تكملة التعيين بالتنسيق مع الهيئات الوطنية .

* وبالتنسيق مع الجمعيات سيتم متابعة حالات الاتجار بفرنسا ويتم استخلاص الممارسات الناجحة والصعوبات الموجودة وذلك بالتنسيق مع الوزارات بطريقة شفافة ( الوزارة المتعلقة بالمرأة ، البيئة والشباب والرياضة ) .

وسيتم تخصيص صندوق أموال لضحايا الاتجار سيتم النص عليه في قانون المالية لعام 2015 ويتم تمويله بواسطة قروض من الإدارات الأخرى، ومن خلال المصادرات التي تتم قضائيا على المجرمين .

وسيتم التدخل التوجيهي من طرف الإدارات لمكافحة الاتجار والقيام بنشاط تحسيسي على مستوى codaf  لكشف حالات الاتجار بغرض استغلال العمالة، والعمل بفعالية لمكافحة الفاعلين وحماية الضحايا .

  والسياسة التي تتبعها المؤسسة المستقلة وهي اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الانسان .CNCDH :

- هي تحديد الاتجاهات حول موضوع الاتجار .

- تقييم نتائج جهودها لمحاربة الظاهرة ويتم التنسيق بين المنظمات والجمعيات الفاعلة في هذا الميدان .

- إنشاء تقــارير.

 وستؤمن اللجنة دور الرقابة  وتقييم نتائج النشاطات وتقييم السياسة العامة .

 - وتكملة للمحاضرة التي تمت ببروكسل في 30 سبتمبر 2013 فان فرنسا اقترحت على الأعضاء 17 الذين صادقو على اتفاقية نيويورك في 02 ديسمبر 1949 لقمع الاتجار بالأشخاص بوضع إستراتيجية مشتركة لمكافحة الاتجار بالأشخاص والعمل بتدابير منها مسائلة العميل، ترخيص الإقامة للضحايا وإيجاد منفذ لترك الضحية ميدان الاتجار .

وسيتم عرض هذا الرأي على باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي  لتطبيق هذه الإستراتيجية أمام اللجنة الأوروبية .

3- متابعة الشبكات الإجرامية : لا يكون الأمر سهلا إلا بالتنسيق الدولي لتسهيل التحقيقات القضائية وسيتم :

 تعميم الاتفاقات لإنشاء فرق تحقيق مشتركة مع البلدان المنظمة للاتحاد الأوروبي طبقا للمادة 19 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في 15 نوفمبر 2000 .

       ب- تشجيع الدول على استخدام أدوات أكثر منهجية والتي تقدمها الوكالات مثل الأوروبول  والأنتبرول لاسيما وضع إستراتيجية مشتركة لمكافحة الشبكات الإجرامية التي تتجر بالأشخاص لأغراض الجنس أو لأغراض أخرى ودعم التقنيات في دول الأصل والعبور والمقصد .

   وستطلب فرنسا من اللجنة الأوروبية لتكثيف التنسيق مع منظمات دولية أخرى لمنع الازدواجية في تنفيذ المشاريع وتجنب تضييع الأموال وتبذيرها وإنشاء شبكة من نقط الاتصال التي تخدم البلدان المتضررة .

 

 

                   

bottom of page