top of page

 

التعويض عن الحبس المؤقت

 

   يعد الحرمان من الحرية من أبغض العقوبات، كما يمكن أن يكون أفضلها تبعا لنظام العمل فيكون أبغضها إذا انطوى على الفساد بتأثير الاختلاط و الدروس التي يتلقاها المحبوسون بعضهم عن بعض ويكون أفضلها إذا جعل وسيلة لإصلاح المجرم وتقويم حاله وإعداده، لأنه يعود بعد الإفراج عنه رجلا مستقيما صالحا للمجتمع فالحبس يستمد قيمته عن طريق تنفيذه على انه مهما حسن نظامه يجب تجنبه بقدر الإمكان بالنسبة لمن ارتكبوا الجريمة لأول مرة وبالنسبة لمن يرتكبوا سوى جرم يسير وكذلك لمن يمكن عقابهم بطريقة أخرى ولذلك يجب ان يكون الحبس عقابا اختياريا يعلق تطبيقه على بحث الظروف وأن يضع الشارع أنظمة أخرى يمكن الاستعاضة بها عنه، كالغرامة وإيقاف التنفيذ والإنذار، وليجعل الشارع قصده الوحيد موجها للإصلاح      لا للعقاب من خلال نظامه الخاص بالعقوبات السالبة للحرية وخصوصا المؤقتة منها وحفاظا على أهمية الحرية الشخصية، فإنه لا يجوز المساس بها على الإطلاق وقد استجاب مشرعنا لنداء القانون و سعى إلى تعديل جديد فيما يخص هذا الموضوع ويعتبر الحبس المؤقت من أخطر الإجراءات التي تتخذها سلطة التحقيق نظرا لأنه يؤدي إلى سلب حرية المتهم بينما الأصل في سلب الحرية أنه جزاء جنائي لا يوقع إلا بمقتضى حكم قضائي بالإدانة، ومع ذلك فقد رأى فيه المشرع إجراء قد تقتضيه مصلحة التحقيق فقرره بقيود تحد من نطاقه إلى الدرجة التي لا يتجاوز بها تحقيق المصلحة العامة .

والحبس المؤقت قد تكون مدته أيام وقد يطول لشهور ولا يصدر الأمر إلا من سلطات التحقيق دون الاستدلال وبشروط خاصة على عكس القبض الذي لا يمتد لأكثر من يومين يوم واحد من قبل تحويل المتهم إلى النيابة ويوم آخر بمعرفة النيابة،.كما أن الحبس المؤقت هو إجراء من إجراءات التحقيق فيوجب الآخر الذي يستتبع ضرورة استجواب المتهم قبل إصداره وهو على عكس الحجز الذي يباشر في نطاق التحريات الأولية و يواجه شخص لم يعد متهما بعد .

   والمشرع الجزائري قد استبدل مفهومه من حبس احتياطي إلى حبس مؤقت و أوجب تسبيبه  وباعتبار الحبس المؤقت فيه مساس بالحقوق والحريات لاسيما عندما يقضي قاضي التحقيق بإصدار أمر بوضع الشخص في الحبس المؤقت لمدة معينة ثم يصدر أمرا آخر بعد فترة بالأوجه للمتابعة أو عندما يمتثل المتهم أمام المحكمة وتقضي ببرائته فيكون هذا الشخص قد تضرر من جراء الأحكام و الأوامر التي قضت بسلب حريته دون وجه حق إن أمكن القول ذلك ،لهذا  فقد نص على مبدأ التعويض عن الخطأ القضائي في الدستور الجزائري لسنة 1996 في المادة 49 منه :" يترتب عن الخطأ القضائي تعويض من الدولة " ونصت على هذا التعويض المواد 137 مكرر الى 137 مكرر 14 من قانون الإجراءات الجزائية ويشترط في طالب التعويض الذي كان محل الحبس المؤقت خلال متابعة جزائية أن تكون هذه المتابعة الجزائية قد انتهت بصدور قرار نهائي يقضي الاوجه للمتابعة أو بالبراءة المادة 137 مكرر.ويكون هذا التعويض على عاتق الخزينة العمومية مع احتفاظ هذه الأخيرة بالرجوع على الشخص سيء النية أو شاهد الزور الذي تسبب في الحبس المؤقت الفقرة 2 من المادة 137 مكرر.

 تقوم لجنة مختصة بالتعويض عن الحبس المؤقت تسمى " لجنة التعويض " وتكتسي هذه اللجنة طابع جهة قضائية مدنية، وتعتبر قراراتها غير قابلة لأي طعن وتكتسي القوة التنفيذية المادة 137 مكرر 3.وعلى طالب التعويض أن يقدم عريضة في أجل لا يتعدى 06 أشهر ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة نهائيا وتتضمن العريضة مجموعة من البيانات الضرورية :* تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس المؤقت وكذلك المؤسسة العقابية التي نفذ فيها

.* الجهة القضائية التي أصدرت القرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وكذلك تاريخ هذا القرار

.* طبيعة وقيمة الأضرار المطالب به .

 .* عنوان المدعي الذي يتلقى فيه التبليغات وهذا ما نصت عليه المادة 137 مكرر 4 من قانون الإجراءات الجزائية وعلى طالب التعويض أن يثبت أن الحبس المؤقت كان غير مبرر (سوء تقدير القاضي) من جهة، وأن الضرر ثابت ومتميز وذلك لتجنب منح التعويض بصفة مطلقة لكل مستفيد من حكم البراءة أو أمر ألا وجه للمتابعة  ويمنح هذا التعويض من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر ويمكن للجنة أن ترجع على المبلغ سيء النية أو شاهد الزور الذي تسبب في الحبس المؤقت .

bottom of page