top of page

2005إثبات النسب حسب تعديل قانون الأسرة 05/02 المؤرخ في 27 فبراير

 

    لقد عني الإسلام بالنسب رعاية فائقة ونظمه من خلال علاقة الزواج، إذ أصبح عقد الزواج الصحيح التي توافرت أركانه وشروطه سبب لصحة الأنساب وقد نصت المادة 40 من التعديل : " أنه يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمادة 32 و33 و34 من هذا القانون" كما نص في الفقرة الثانية من المادة نفسها : " أنه يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب " فما هي ياترى الطرق العلمية لإثبات النسب ؟  وما هي الحالات التي يلجأ فيها القاضي لاستخدام هذه الطرق لإثبات النسب ؟                  ما مدى نجاعة هذه الطرق ؟   وما مدى حجيتها في الإثبات ؟

  كل هذه الأسئلة ستتم الإجابة عليها وفق الخطة التالية :

المطلب الأول : تعريف النسب وتحديد أهميته 

الفرع الأول : تعريف النسب : يقصد بالنسب لغة القرابة والالتحاق ويقال بينهما نسب، أي بينهما قرابة

أما اصطلاحا : فهو القرابة من جهة الأب باعتبار أن الإنسان إنما ينسب لأبيه فقط .

الفرع الثاني : أهمية النسب :

تكمن أهمية النسب في أن الإسلام قد حرم أن ينتسب المرء إلى غير أبيه لأن الانتساب إلى غير الأب الصحيح قول كاذب وفيه ضياع للحقوق والإرث وفيه أيضا اختلاط للأنساب .

المطلب الثاني : طرق إثبات النسب

الفرع الأول : طرق إثبات النسب

الطرق العادية لإثبات النسب : تنص المادة 40 /1 أن ثبوت النسب من الآثار المهمة المترتبة عن الزواج، فإذا كان نسب الولد إلى أمه ثابت في كل الأحوال سواء كانت الولادة شرعية أو غير شرعية فإن نسب الولد لأبيه ليس دائما سهلا بل يخضع لطرق الإثبات المحددة في المادة 40 .1

- الزواج الصحيح : ويشترط في هذه الحالة توافر ثلاثة شروط وقد نصت الفقرة الأولى من المادة نفسها على طرق إثبات محددة :

أ- إمكانية الاتصال الجنسي : بمعنى وجوب التلاقي بين الزوجين بصورة فعلية .

ب- عدم نفيه بالطرق المشروعة : والمقصود هنا اللعان لأنه الطريقة الوحيدة التي يأخذ بها المشرع الجزائري .

ج- ولادة الولد بين أدنى وأقصى مدة الحمل : وأقل مدة الحمل 6 أشهر وأقصاها 10 أشهر، وإذا توافرت هذه الشروط الثلاثة شكلت قرينة قانونية على أن الولد للفراش وينسب للزوج .

2- الزواج الفاسد : وهو كل نكاح تم فسخه طبقا للمادة 32، وهو النكاح الذي يشمل على مانع أو شرط يتنافى ومقتضيات العقد وطبقا لنص المادة 33 وهو الزواج الذي اختل فيه ركن الرضا، وهو زواج باطل لكنه يترتب عليه ثبوت النسب وكذلك في حالة ما إذا تم الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالة وجوبه كما في حالة البنت البكر، فإنه يثبت بصداق المثل وعليه يترتب عليه أيضا ثبوت النسب .وطبقا كذلك للمادة 34: وهو الزواج الذي يتم مع إحدى المحرمات ويتم الدخول بها فإنه في هذه الحالة يفسخ الزواج ولكنه يترتب عليه ثبوت النسب ووجوب الإستبراء ولكن يشترط ولادة الطفل خلال المدة القانونية أقلها 6 أشهر وأقصاها 10 أشهر تسري من الدخول وليس من تاريخ العقد .

3- نكاح الشبهة : وهو من الحالات النادرة في زمننا، كأن يعقد شخص على امرأة يتبين بعد الزواج أنها أخته من الرضاعة أو أن يعقد زوج على امرأة يتبين بعد الزواج أنها في عصمة زوج آخر ولم تطلق منه ويترتب على هذا النوع من النكاح ثبوت نسب الولد لأبيه .

4- الإقرار: وهناك نوعين من الإقرار:

أ- الإقرار بالبنوة أو الأبوة أو الأمومة .ب- الإقرار في غير البنوة أو الأبوة أو الأمومة (وهذا ليس موضوعنا ) .

 ويشترط في النوع الأول من الإقرار شرطين

- أن ينصب هذا الإقرار على مجهول النسب ولو في مرض الموت وبذلك لا يمكن أن نتصور بمفهوم المخالفة أن يقر شخص بولد له أبوين معلومين - أن يكون الإقرار يصدقه العقل و العادة : فلا يقر شخص يفوق الثمانين بطفل حديث العهد بالولادة ،كما لا يقر شخص بآخر يكون فارق السن بينهما ضئيلا.

  ومن الواضح أن الإقرار لا يسري على غير المقر إلا بتصديقه، فمن يقر بأن شخصا معين هو عمه فلا يرتب هذا الإقرار أثرا حتى يقره الجد ولا يمكن تصور أن يكون الإقرار بابن ناتج عن علاقة غير شرعية، فهذا الإقرار لا يكون ذي قيمة شرعية .

5- بالبينــة : وفي هذه الحالة يشترط أن يكون الولد ناتجا عن علاقة شرعية وقانونية ويؤخذ بشهادة الشهود في حالة إنكار الوالد لواقعة الولادة أو أن يكون الذي ولدته قد استبدل بطفل آخر، وهنا يجوز الأخذ بشهادة الطبيب المشرف على عملية الولادة أو القابلة أو الممرضات .

الفرع الثاني : الطرق العلمية لإثبات النسب هناك عدة طرق يثبت بها النسب :

- كنظام فحص الدم (ABO (: وفيها يحدد فصائل دم كل من الطفل و الأم و الرجل ثم يقارن الترتيب الجيني لفصيلة الطفل مع فصيلة الرجل، فإذا كان فيها تشابه فإن ذلك يحتمل البنوة و إذا لم يوجد تشابه فلا يثبت .وهناك نظام مجموعة البروتينات : هو نظام أدق من فصائل الدم العادية وذلك لأن مع البروتينات تحدد الفروق البيولوجية بوضوح بين الأشخاص .وهناك نظام مرتبط بالمناعة ،ولكن تبقى هذه الطرق المذكورة ظنية وغير مأخوذة بها عمليا في الجزائر .

- نظام البصمة الوراثية : ADNوهو نظام يتضمن البنية التفصيلية التي تدل على شخص بعينه وكل شخص له بصمة تختلف عن غيره ولو تعلق ذلك بتوائم .وتتم عملية التحليل الحمضي بأخذ عينة من أي جزء من أجزاء الجسم سواء الدم أو البول أو المني أو الشعر، ويتم تحليلها وفحص ما تحتويه من كروموسومات أو صبغيات تحمل الجينات وهي الصفات الوراثية، .فإذا تبين بعد التحليل أن الطفل تتفق جيناته مع جينات الرجل فعندئذ تثبت أبوته له، وإذا لم يكن هناك أي تشابه في شتى الكروموسومات ينفي النسب ويجرى التحليل المتعلق بالبصمة الوراثية في المخابر المخصصة لذلك ويوجد بالجزائر مخبرين مخبر بقسنطينة والآخر بالعاصمة .والاخذ بهذه الطريقة هو من أجل الحصول على نتائج عملية دقيقة ويكون ذلك من خلال تقرير الخبرة الذي يعينه القاضي إما من تلقاء نفسه أو بطلب من وكيل الجمهورية أو استجابة لطلب الخصوم ،وأهم هذه الحالات التي يلجأ فيها القاضي لإجراء هذه الخبرة :

- حالات التنازع بين الأزواج المتزوجون زواجا عرفيا ثم يهجر الزوج زوجته ويحرمها من أدنى حقوقها ويتعدى الأمر إلى إنكار نسب الابن لتتقدم بعد ذلك الزوجات إلى المحاكم لطلب تسجيل الزواج، وبصفة تبعية المطالبة بإثبات النسب .-

و أمام إنكار الزوج وعدم وجود أي دليل، يلجأ للخبرة المتعلقة بالتحليل الحمضي لإثبات النسب وكذلك في حالة اتهام الزوج زوجته بالزنا، أو حالة الأطفال اللقطاء وكذلك حالة الزوجة التي تتزوج برجل ثان بدون أن تطلق من الأول ويظهر أنها حامل .

- المطلب الثالث : حجية نظام البصمة الوراثية في الإثبات ومدى نجاعة هذا النظام .

إذا تم إثبات النسب بالطرق الشرعية المذكورة بنص المادة 40/1 من تعديل قانون الأسرة الزواج الصحيح أو القرار أو البينة فلا حاجة للجوء القاضي لإجراءات الخبرة المتعلقة بالتحليل الحمضي لإثبات النسب عملا بالقاعدة الفقهية : إذا حضر الماء بطل التيمم .

أو بمفهوم المخالفة إذا لم يثبت النسب بهذه الطرق المذكورة يجوز للقاضي اللجوء للطرق العلمية فهي مكنة أو رخصة منحت له فله أن يستعملها أو يصرف النظر عنها ،ولكن في حالة أخذه بهذا يعني أن النتائج التي تمنحها تحاليل البصمة الوراثية هي قطعية لا يمكن دحضها أو إثبات عكسها

-الفرع 2 : مدى نجاعة نظام البصمة الوراثية أكدت التجارب الطبية أن نتائج البصمة الوراثية فعالة مقارنة مع الطرق العلمية الأخرى كطريقة فحص الدم مثلا لأن هذه الطريقة هي وسيلة لنفي النسب فقط لا لإثباته، أما نتائج البصمة الوراثية حسب رأي المختصين تكون 100% بالنسبة لنفي النسب و99 % في حالة إثباته، لكن المشرع الجزائري جعل هذا النظام كوسيلة لإثبات النسب لا غير لأن طريقة نفيه لا تكون إلا باللعان وهو خاص بالزوج وهو نظام و إن كان فعال في مجال إثبات النسب، إلا أنه في المقابل يجب أخذه بشيء من الحيطة والحذرلأن الطرق العلمية مهما تطورت تبقى الأخطاء فيها ممكنة لاسيما وان حصل تلوث في الجو أو دخول الغبار أو اختلاط الدم فيه .

وفي الختـــام : فإن الإسلام قد حمى النسب والأسرة من الاهتزاز وأغلق أبواب نفيه بعد ثبوته بالفراش أو الإقرار أو البينة حتى لو لجأنا إلى الطرق العلمية إذا لم يسمح بنفيه إلا عن طريق اللعان ،ومن الممكن في المقابل، الأخذ بخبرة التحليل الحمضي لإثبات النسب وهذا يخفف بشكل كبير من حالات الخصام الواقعة في الأمم العربية .وهي منحة يستفيد منها إذا استخدمت بضوابطها لإنقاذ المتشردين من الأطفال وتقليل اللقطاء وتزوير الأنساب وبذلك يرد الاطمئنان والهدوء إلى المجتمع

وهذه الخبرة وان كانت ترقى إلى دليل القيافة كما يرى البعض لكنها لا تتقدم على الشهادة و الإقرار . 

bottom of page