top of page

 

                                               ماهو الإتجار بالبشر؟

 

مقدمة :  لقد أضحت جريمة الإتجار بالبشر من القضايا الإجتماعية الهامة التي تشكل قلقا داميا في القرن الواحد و العشرين ، بل وتمثل أخطر الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية ،لأنها تمس بكرامة المرء و حريته ، و تهدد أمنه وأمانه .

      وتمثل هذه الظاهرة ثالث أكبر تجارة غير مشروعة في العالم بعد جريمتي الإتجار بالسلاح والإتجار بالمخدرات ، و تدر أ رباحا طائلة تقدر بالمليارات الدولارات سنويا.

وقد تفشت هذه الجريمة على صور متمادية التلون ، فهي ظاهرة تطورية ، و لها وجوه متعددة كالإستغلال الجنسي ، و العمالة القسرية ، عمالة الأطفال ، تجارة الأعضاء أو أي شكل من أشكال العبودية المعاصرة .

وتشكل هذه الظاهرة خرقا صارخا لحقوق الإنسان الذي تنظر اليه الشرائع السماوية نظرة التبجيل و الإحترام في كل زمان      ومكان، لأنها تعدم في المرء انسانيته و تحوله لمجرد بضاعة تباع وتشترى و يخضع فيها لأحكام العرض والطلب وقد باتت هذه الظاهرة تنخر عظم مجتمعاتنا العربية ، وانتشرت في أوساطها انتشار النار في الهشيم ومن الصعب استثناء دولة منها سواء كانت دول مصدرة أو مستقبلة أو منطقة عبور، لأسباب عدة منها تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية ، سوء التخطيط ، الفساد الحكومي و استغلال ظاهرة العولمة و هذا كله ما دفع بالجماعات الإجرامية لدخول هذا المضمار الدامي لأنه يدر عليها بأرباح طائلة، وتعمل على التمرغ في أوحاله مستعملة كافة الطرق و الوسائل المستحدثة و مختلف الآليات العلمية والفنية المبتكرة لإنجاح تجارتها وما زاد في تنامي الظاهرة أكثر : انعدام الرقابة الأمنية، و الإحترافية التي تتمتع بها هذه الجماعات ،   وعملها في الخفاء أيضا و هذا ما يجعل أمر الترصد بها أمر يصعب تداركه .

   وهذه المسألة التي تطرد تحت أنظارنا ، يجب أن تكون موضوع تأمل و تحليل و تشخيص لمعرفة أسباب تناميها و العمل على الحد من مخاطرها التي تعيق القدرة الإنتاجية للمواطن، وتعيق مشوار التنمية أيضا، و تعزز من دائرة الفقر والأمية، والأدهى في الأمر أنها تحول أرباحها بسرعة الى نشاطات اجرامية أخرى كغسيل الأموال و الإرهاب و المخدرات .

  وأمام هذا الوضع الخطير والمستفحل، فاِنه من الواجب علينا أن نضع نصب أعيننا دراسة هذه الظاهرة دراسة موضوعية واعطائها القدر الكاف من البحث و التنقيب و العمل على جمع المعلومات و البيانات الكافية عن هذا الجرم الذي يقوض أعمق القيم رسوخا في المجتمع، و معالجة كل الخدوش التي تحدث في روح العالم بسبب تنامي الظاهرة و محاولة ايجاد الحلول التقريبية لا الترقيعية للحد من توسعها و ذلك بمراجعة سياسات الهجرة العالمية، و العمل على التعاون الوثيق مع جميع الدول التي تعنيها ارساء مبادئ حقوق الإنسان للنهوض بهذه المسألة على قدم وساق لانها صارت تؤرق الضمير العالمي             والعمل على ايجاد خطط واستراتجيات دقيقة ومنظمة بهذا الشأن و تبادل الخبرات، حتى تمنع شبابنا من الوقوع في براثن هذه الآفة الخطيرة التي تدمي القلب و التي يندى لها الجبين و العمل على انقاذ المتورطين من رحى هذه الحرب الدامية .

  كما يتطلب الأمر منا أيضا بذل الجهود الحثيثة والجادة لمكافحة هذه الظاهرة و ذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة         (اِعلام ، شرطة ،درك ، قضاء ، مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات دولية و حكومية ومثقفين ) لتقديم يد العون و المساعدة كل بالقدر الذي تسمح به ميادين اختصاصه ووسائله لمنع و قمع هذه الممارسات المقيتة في حق الفئات المستضعفة في المجتمع لاسيما النساء و الأطفال منهم، و محاولة استئصال هذا الورم الخبيث من المجتمع .

   ومن ناقلة القول فاِن هذه الجريمة أصبحت تشكل حقيقة تحديا خطيرا لأن العالم كله صار موبوء بهذه الجريمة و الجزائر حيال هذه المسألة ليست بمنأى عنه وليس الوقوف صامتين هو الذي يعالج الوضع، اِنما يزيده ضراوة وسوءا وقد آن الأوان لنتناول هذا الموضوع القديم الحديث الذي ظن العالم أنه اِندثر ليعود بوجه أكثرفتكا واِجراما بسبب الأوضاع المزرية و الجهل كالعبودية و الطبقية و التهميش و الفقرو الهوان وتطور التكنولوجيا الحديثة التي تعتبر سلاح ذو حدين و ذلك حتى تعي الشعوب بقيمة ما تئن تحته الفئات المستضعفة من صنوف المعاناة و خصوصا النساء والأطفال منهم .

   وان منهج الرسالة يقتضي منا جميعا أن ننظم خطانا و ندفع طاقاتنا لمجابهة هذه الظاهرة المقبعة ولا يكون ذلك باِنتاج أفكار ووضع ترسانة قوانين فحسب، واِنما بمحاولة ترجمتها على أرض الواقع، وذلك برفع الوعي حول خطورة الظاهرة و بمتابعة المجرمين قضائيا و الحصول على أحكام باِدانتهم والعمل أيضا على تحصيل حقوق الضحايا و حمايتهم من جهة أخرى و اِعداد برامج لتأهيهم و ادماجهم في المجتمع و ذلك حتى لا تضيع جهودنا عرضا .

 

 

bottom of page